سورة يونس وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة يونس وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

فهرس سورة يونس 

يونس سورة مكية أم مدنية؟مكية ما عدا الآيات 40، و94 – 96 فمدنية
عدد آيات سورة يونس 109
عدد كلمات سورة يونس 1841
عدد حروف سورة يونس 7425
ترتيب سورة يونس في القرآن الكريم10

فضل قراءة سورة يونس 

ورد في الأثر عن فضل قراءة سورة يونس ما يلي:

  • عن وائلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة -رضي الله عنه- قال: “أُعطيتُ مَكانَ التَّوراةِ السَّبعَ، وأُعطيتُ مَكانَ الزَّبورِ المِئينَ، وأُعطيتُ مَكانَ الإنجيلِ المَثانيَ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ“. [تخريج مشكل الآثار l خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن]
  • عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: “أنَّ رجُلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : يا رسولَ اللهِ أقرِئْني القُرآنَ قال : (اقرَأْ ثلاثًا مِن ذَواتِ الر) قال الرَّجُلُ : كبِر سِنِّي وثقُل لساني وغلُظ قلبي قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (اقرَأْ ثلاثًا مِن ذواتِ حم) فقال الرَّجُلُ مِثْلَ ذلكَ ولكِنْ أقرِئْني يا رسولَ اللهِ سورةً جامعةً فأقرَأه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] حتَّى بلَغ : {مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8] قال الرَّجُلُ : والَّذي بعَثك بالحقِّ ما أُبالي ألَّا أزيدَ عليها حتَّى ألقى اللهَ ولكِنْ أخبِرْني بما علَيَّ مِن العملِ أعمَلْ ما أطَقْتُ العمَلَ قال : (الصَّلواتُ الخَمسُ وصيامُ رمضانَ وحجُّ البيتِ وأدِّ زكاةَ مالِكَ ومُرْ بالمعروفِ وَانْهَ عنِ المُنكَرِ )”. [ صحيح ابن حبان l  خلاصة حكم المحدث:  أخرجه في صحيحه] 

سبب تسمية سورة يونس بهذا الاسم

سميت سورة يونس بهذا الاسم لأنها تناولت قصة نبي الله يونس عليه السلام.

سبب نزول سورة يونس 

  • قال ابن عباس عن سبب نزول الآية 2 قوله تعالى: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ}، أنها نزلت في مشركي قريش عندما أنكروا أن يكون رسول الله بشر مثل محمد، فأنزل الله الآية.
  • اختلف المفسرون في  سبب نزول الآية 15 قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا}:
    • قال مجاهد أنها نزلت في مشركي مكة.
    • قال مقاتل أنها نزلت في خمسة من المشركين هم: عبد الله بن أبي أمية المخزومي، والوليد بن المغيرة، ومكرز بن حفص، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري، والعاصي بن عامر، إذ قالوا للنبي – صلى الله عليه وسلم-: ائت بقرآن ليس فيه ترك عبادة اللات والعزى.
    • قال الكلبي أنها نزلت في المستهزئين، عندما قالوا: يا محمد ائت بقرآن غير هذا فيه ما نسألك.

 سورة يونس مكتوبة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إعلان السوق المفتوح

{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2) إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (3) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (4) هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6) إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (16) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ (17) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (18) وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20) وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23) إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (26) وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (27) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ (29) هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (30) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (34) قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (35) وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36) وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ (40) وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ (43) إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (45) وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (47) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (48) قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53) وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55) هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60) وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76) قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82) فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83) وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89) وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93) فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (94) وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (95) إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97) فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98) وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (100) قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (101) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (102) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ (103) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (104) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (106) وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109)}

اقرأ أيضاً:  سورة العاديات وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

تفسير سورة يونس 

رقم الآيةالآية الكريمةالمعنى
1الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ {الر} وأما الحروف المقطعة في أوائل السور فالأسلم فيها السكوت عن التعرض لمعناها من غير مستند شرعي، مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثًا بل لحكمة لا نعلمها.هذه الآيات المتلوة في هذه السورة آيات القرآن المحكم المتقن المشتمل على الحكمة والأحكام.
2أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌأكان باعثًا للناس على التعجب أن أنزلنا الوحي على رجل من جنسه؛ آمرين إياه أن يحذرهم من عذاب الله؟! وأخبرْ -أيها الرسول- الذين آمنوا بالله بما يسرهم؛ أن لهم منزلة عالية جزاء على ما قدموه من عمل صالح عند ربهم سبحانه، قال الكافرون: إن هذا الرجل الَّذي جاء بهذه الآيات لساحر ظاهر السحر.
3إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَإن ربكم -أيها المتعجبون- هو الله الَّذي خلق السماوات على عظمها، والأرض على اتساعها في ستة أيام، ثم علا وارتفع على العرش، فكيف تعجبون من إرساله رجلا من جنسكم؟! وهو وحده الَّذي يقضي ويقدر في ملكه الواسع، وما لأحد أن يشفع لديه في شيء إلا بعد إذنه ورضاه عن الشافع، ذلكم المتصف بهذه الصفات هو الله ربكم، فأخلصوا له العبادة وحده، أفلا تتعظون بكل هذه البراهين والحجج على وحدانيته؟ فمن كان له أدنى اتعاظ علم ذلك، وآمن به.
4إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَإليه وحده رجوعكم يوم القيامة؛ ليجازيكم على أعمالكم، وعد الله الناس بذلك وعدًا صادقًا لا يخلفه، إنه على ذلك قادر، يبدأ إيجاد المخلوق على غير مثال سابق، ثم يعيده بعد موته؛ ليجزي سبحانه الذين آمنوا بالله وعملوا الأعمال الصالحات بالعدل فلا ينقص من حسناتهم، ولا يزيد في سيئاتهم، والذين كفروا بالله وبرسله لهم شراب من ماء متناهي الحرارة، يقطع أمعاءهم، ولهم عذاب موجع بسبب كفرهم بالله وبرسله.
5هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَهو الَّذي جعل الشمس تشع الضوء وتنشره، وجعل القمر نورًا يُسْتَنار به، وقَدَّرَ سيره بعدد منازله الثماني والعشرين، والمنزلة هي المسافة التي يقطعها كل يوم وليلة؛ لتعلموا -أيها الناس- بالشمس عدد الأيام، وبالقمر عدد الشهور والسنين، ما خلق الله السماوات والأرض وما فيهما إلا بالحق؛ ليظهر قدرته وعظمته للناس، يبين الله هذه الأدلة الواضحة والبراهين الجلية على وحدانيته لقوم يعلمون الاستدال بها على ذلك.
6إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَإن في تَعَاقُب الليل والنهار على العباد. وما يصحب ذلك من ظلمة وضياء، وقصر أحدهما وطوله، والمخلوقات التي في السماوات والأرض لعلامات دالة على قدرة الله لقوم يتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
7إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَإن الكافرين الذين لا يتوقعون لقاء الله فيخافوه أو يطمعوا فيه، وارتضوا الحياة الدنيا الفانية بدلًا من الحياة الأخروية الباقية، وسكنت أنفسهم إليها فرحة بها، والذين هم عن آيات الله ودلائله معرضون عنها لاهون.
8أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ أولئك المتصفون بهذه الصفات مستقرهم الَّذي يأوون إليه هو النار؛ بسبب ما اكتسبوه من الكفر والتكذيب بيوم القيامة.
9إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِإن الذين آمنوا بالله وعملوا الأعمال الصالحات يرزقهم الله الهداية الى العمل الصالح الموصل إلى رضاه؛ بسبب إيمانهم، ثم يدخلهم الله يوم القيامة في جنات النعيم الدائم، تجري من تحتهم الأنهار.
10دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَدعاؤهم في الجنّة هو تسبيح الله وتقديسه، وتحية الله لهم وتحية الملائكة وتحية بعضهم لبعض: سلام، وخاتمة دعائهم الثناء على الله رب المخلوقات كلها.
11وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَولو يُعَجِّل الله سبحانه استجابة دعاء الناس على أنفسهم وأولادهم وأموالهم بالشر عند الغضب، مثل ما يستجيب لهم في دعائهم بالخير -لهلكوا، ولكن الله يمهلهم، فيترك الذين لا ينتظرون لقاءه- لأنهم لا يخافون عقابًا ولا يرتجون ثوابًا- يتركهم مترددين حائرين مرتابين في يوم الحساب.
12وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَوإذا أصاب الإنسانَ المسرف على نفسه مرض أو سوء حال، دعانا متذللًا متضرعًا مضطجعًا على جنبه أو قاعدًا أو قائمًا؛ رجاء أن يُزَال ما به من ضر، فلما استجبنا دعاءه، وأزلنا ما به من ضر مضى على ما كان عليه كأنه لم يدعنا لكشف ضر أصابه، كما زُيِّن لهذا المعرض الاستمرار في ضلاله زُيِّن للمتجاوزين للحدود بكفرهم ما كانوا يعملونه من الكفر والمعاصي، فلا يتركونه.
13وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَولقد أهلكنا الأمم من قبلكم -أيها المشركون- لتكذيبهم برسل الله وارتكابهم المعاصي، وقد جاءتهم رسلهم الذين أرسلناهم إليهم بالبراهين الواضحة الدالة على صدقهم فيما جاؤوا به من عند ربهم، فما استقام لهم أن يؤمنوا؛ لعدم استعدادهم للإيمان، فخذلهم الله، ولم يوفقهم له، كما جازينا تلك الأمم الظالمة نجزي أمثالهم في كل زمان ومكان.
14ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَثم صَيَّرناكم -أيها النَّاس- خَلَفًا لتلك الأمم المكذبة التي أهلكناها؛ لننظر كيف تعملون، هل تعملون خيرًا فتثابوا عليه، أم تعملون شرًّا فتعاقبوا عليه؟
15وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍوإذا تُقْرأ عليهم الآيات القرآنية الواضحة الدالة على توحيد الله، قال منكرو البعث الذين لا يرجون ثوابًا، ولا يخافون عقابًا: جيء -يا محمد- بقرآن غير هذا القرآن المشتمل على سب عبادة الأصنام أو غيره بنَسْخ بعضه أو كله بما يوافق أهواءنا، قل لهم -أيها الرسول-: لا يصح أن أغيِّره أنا، ولا أستطيع -بالأوْلى- الإتيان بغيره، بل الله وحده هو الَّذي يبدل منه ما يشاء، فلست أتبع إلا ما يوحيه الله إلي، إني أخاف إن عصيت الله بإجابتكم إلى ما طلبتم عذاب يوم عظيم، وهو يوم القيامة.
16قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَقل -أيها الرسول-: لو شاء الله ألا أقرأ القرآن عليكم ما قرأته عليكم، وما بلغتكم إياه، ولو شاء الله ما أَعْلَمَكم بالقرآن على لساني، فقد مكثت بينكم زمنًا طويلًا -هو أربعون سنة- لا أقرأ ولا أكتب، ولا أطلب هذا الشأن ولا أبحث عنه، أفلا تدركون بعقولكم أن ما جئتكم به هو من عند الله، ولا شأن لي فيه؟!
17فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَفلا أحد أظلم ممن اختلق على الله كذبًا، فكيف لي أن أبدل القرآن افتراء عليه، إن الشأن أن المتجاوزين لحدود الله بالافتراء عليه لا يفوزون بمطلوبهم.
18وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَويعبد المشركون من دون الله آلهة مزعومة، لا تنفع ولا تضر، والمعبود بالحق ينفع ويضر متى شاء، ويقولون عن معبوداتهم: هؤلاء وسطاء يشفعون لنا عند الله فلا يعذبنا بذنوبنا، قل لهم -أيها الرسول-: أتخبرون الله العليم أن له شريكًا، وهو لا يعلم له شريكًا في السماوات ولا في الأرض، تَقَدَّس وتَنَزَّه عما يقوله المشركون من الباطل والكذب.
19وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَوما كان الناس إلا أمة واحدة مؤمنة موحدة فاختلفوا، فمنهم من بقي مؤمنًا، ومنهم من كفر، ولولا ما مضى من قضاء الله أنَّه لا يحكم بينهم فيما اختلفوا فيه في الدنيا، وإنما يحكم بينهم فيه يوم القيامة، لولا ذلك لحكم بينهم في الدنيا فيما يختلفون فيه، فيتبين المهتدي من الضال.
20وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَويقول المشركون: هلَّا أُنْزِل على محمد آية من ربه دالة على صدقه؟ فقل لهم -أيها الرسول-: نزول الآيات غيب يختص الله بعلمه، فانتظروا ما اقترحتموه من الآيات الحسية، إني معكم من المنتظرين لها.
21وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَوإذا أذقنا المشركين نعمة من مطر وخصب بعد جدب وبؤس أصابهم، إذا لهم استهزاء وتكذيب بآياتنا، قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: الله أعجل مكرًا، وأسرع استدراجًا لكم وعقوبة، إن الحفظة من الملائكة يكتبون ما تُدَبِّرون من مكر، لا يفوتهم منه شيء، فكيف يفوت خالقَهم؟! وسيجازيكم الله على مكركم.
22هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ الله هو الَّذي يُسَيِّركم -أيها الناس- في البر على أقدامكم وعلى دوابكم، وهو الَّذي يسيركم في البحر في السفن، حتَّى إذا كنتم في السفن في البحر، وجرت بهم بريح طيبة، فرح الركاب بتلك الريح الطيبة، فبينما هم في فرحهم جاءتهم ريح قوية الهبوب، وجاءهم موج البحر من كل جهة، وغلب على ظنهم أنهم هالكون، دعوا الله وحده، ولم يشركوا معه غيره قائلين: لئن أنقذتنا من هذه المحنة المهلكة لنكونن من الشاكرين لك على ما أنعمت به علينا.
23فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَفلما استجاب دعاءهم، وأنقذهم من تلك المحنة، إذا هم يفسدون في الأرض بارتكاب الكفر والمعاصي والآثام. أفيقوا -أيها الناس- إنما عاقبة بَغْيكم السيئة على أنفسكم، فالله لا يضره بَغْيُكُم، تتمتعون به في الحياة الدنيا وهي فانية، ثم إلينا رجوعكم يوم القيامة، فنخبركم بما كنتم تعملون من المعاصي، ونجازيكم عليها.
24إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَإنما مثل الحياة الدنيا التي تتمتعون فيها في سرعة انقضائها كمثل مطر اختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس من الحبوب والثمار، ومما تأكل الأنعام من الحشيش وغيره، حتَّى إذا أخذت الأرض لونها الزاهي، وتَجَمَّلت بما تنبته من أنواع النبات، وظن أهلها أنهم قادرون على حصاد ما أنبتت وقطافه، جاءها قضاؤنا بإهلاكها، فصيرناها محصودة كأن لم تكن عامرةً بالأشجار والنباتات في عهد قريب، كما بيَّنا لكم حال الدنيا وسرعة انقضائها نبين الأدلة والبراهين لمن يتفكرون ويعتبرون.
25وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍوالله يدعو جميع الناس إلى جنته التي هي دار السلام، يسلم فيها الناس من المصائب والهموم، ويسلمون من الموت، والله يوفق من شاء من عباده إلى دين الإسلام الموصل إلى دار السلام هذه.
26لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَللذين أحسنوا بالقيام بما أوجبه الله عليهم من الطاعات، وترك ما حرم عليهم من المعاصي؛ المثوبة الحسنى، وهي الجنّة، ولهم زيادة عليها، وهي النظر إلى وجه الله الكريم، ولا يغشى وجوههم غبار، ولا يغشاها هوان ولا خزي، أولئك المتصفون بالإحسان أصحاب الجنّة هم فيها ماكثون.
27وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَوالذين عملوا السيئات من الكفر والمعاصي لهم جزاء السيئة التي عملوها بمثلها من عقاب الله في الآخرة، وتغشى وجوههم ذلة وهوان، ليس لهم مانع يمنعهم من عذاب الله إذا أنزله بهم، كأنما ألبست وجوههم سوادًا من الليل المظلم من كثرة ما يغشاها من دخان النار وسوادها، أولئك المتصفون بتلك الصفات أصحاب النار هم فيها ماكثون أبدًا.
28وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَواذكر -أيها الرسول- يوم القيامة حين نحشر جميع الخلائق، ثم نقول للذين أشركوا بالله في الدنيا: الزموا -أيها المشركون- مكانكم أنتم ومعبوداتكم التي كنتم تعبدونها من دون الله. ففرقنا بين المعبودين والعابدين، وتبرأ المعبودون من العابدين قائلين: لم تكونوا تعبدوننا في الدنيا.
29فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَهنا تتبرأ منهم آلهتهم التي عبدوها من دون الله قائلة: فالله شاهد -وكفى به- أنّا لم نرض بعبادتكم لنا، ولم نأمركم بها، وأنا لم نشعر بعبادتكم.
30هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَفي ذلك الموقف العظيم تختبر كل نفس ما أمضت من عمل في حياتها الدنيا، وأرجع المشركون إلى ربهم الحق الَّذي هو الله الذي يتولى حسابهم، وذهب عنهم ما افتروه من شفاعة أصنامهم.
31قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَقل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين بالله: من يرزقكم من جهة السماء بإنزال المطر عليكم؟ ومن يرزقكم من الأرض بما ينبت فيها من نبات، وبما تحويه من معادن؟. ومن يُخْرِج الحي من الميت كالإنسان من النطفة، والطير من البيضة، ومن يُخْرِج الميت من الحي كالنطفة من الحيوان، والبيضة من الطير؟ ومن يدبر أمر السماوات والأرض وما فيهن من مخلوقات؟ فسيجيبون بأن فاعل ذلك كله هو الله، فقل لهم: أفلا تعلمون ذلك، وتتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه؟!
32فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَفذلكم -أيها الناس- الَّذي يفعل ذلك كله هو الله الحق خالقكم، ومدبر أمركم، فماذا بعد معرفة الحق غير البعد عنه والضياع؟! فأين تذهب عقولكم عن هذا الحق الجلي؟!
33كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَكما ثبتت الربوبية الحقة لله وجبت -أيها الرسول- كلمة ربك القَدَرِية على الذين خرجوا عن الحق عنادًا أنهم لا يؤمنون.
34قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَقل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: هل من بين شركائكم الذين تعبدونهم من دون الله من يُنْشِئ الخلق على غير مثال سابق، ثم يبعثه بعد موته؟ قل لهم: الله يُنْشئُ الخلق على غير مثال سابق، ثم يبعثه بعد موته، فكيف تصرفون -أيها المشركون- عن الحق إلى الباطل؟!
35قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَقل لهم -أيها الرسول-: هل من بين شركائكم الذين تعبدونهم من دون الله من يرشد إلى الحق؟ قل لهم: الله وحده يرشد إلى الحق، فهل من يرشد الناس إلى الحق، ويدعوهم إليه أولى بأن يتبع أم معبوداتكم التي لا تهتدي بنفسها إلا أن يهديها غيرها؟! فما لكم كيف تحكمون بالباطل حين تزعمون أنهم شركاء لله؟! تعالى الله عن قولكم علوًا كبيرًا.
36وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَوما يتبع معظم المشركين إلا ما لا علم لهم به، فما يتبعون إلا وهمًا وشكًّا، إن الشك لا يقوم مقام العلم، ولا يغني عنه، إن الله عليم بما يفعلونه، لا يخفى عليه شيء من أفعالهم، وسيجازيهم عليها.
37وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَوما يصح لهذا القرآن أن يُخْتَلق، وينسب إلى غير الله لعجز الناس ضرورة عن الإتيان بمثله، ولكنَّه مصدق لما نزل من الكتب قبله، ومبيّن لما أجمل فيها من الأحكام، فهو لا شك فيه أنَّه منزل من رب المخلوقات سبحانه وتعالى.
38أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَبل أيقول هؤلاء المشركون: إن محمدًا – صلى الله عليه وسلم – اختلق هذا القرآن من نفسه، ونسبه إلى الله، قل -أيها الرسول- ردًّا عليهم: إن كنت قد أتيت به من عندي وأنا بشر مثلكم فأتوا أنتم بسورة من مثله، وادعوا من استطعتم دعاءه لمظاهرتكم إن كنتم صادقين فيما تدعونه من أن القرآن مختلق مكذوب، ولن تستطيعوا ذلك، وعدم قدرتكم -وأنتم أصحاب اللسان وأرباب الفصاحة- دال على أن القرآن منزل من عند الله.
39بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَفلم يجيبوا، بل سارعوا بتكذيب القرآن قبل أن يتفهموه ويتدبروه، وقبل أن يحصل ما أنذروا به من العذاب، وقد اقترب إتيان ذلك، مثل هذا التكذيب كذبت الأمم السابقة، فنزل بها ما نزل من العذاب، فتأمل -أيها الرسول- كيف كانت نهاية الأمم المكذبة، فقد أهلكهم الله.
40وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَومن المشركين من سيؤمن بالقرآن قبل موته، ومنهم من لا يؤمن به عنادًا ومكابرة حتَّى يموت، وربك -أيها الرسول- أعلم بالمُصِرِّين على كفرهم، وسيجازيهم على كفرهم.
41وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَفإن كذبك -أيها الرسول- قومك فقل لهم: لي ثواب عملي وأنا أتحمل تبعة عملي، ولكم ثواب عملكم وعليكم عقابه، أنتم بريئون من عقاب ما أعمل، وأنا بريء من عقاب ما تعملون.
42وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَومن المشركين من يستمع إليك -أيها الرسول- إذا قرأت القرآن استماعًا غير مقرون بقبول وإذعان، أفأنت تقدر على إسماع من سلب السمع؟! فكذلك لن تقدر على هداية هؤلاء الذين صموا عن سماع الحق فلا يعقلونه.
43وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَومن المشركين من ينظر إليك -أيها الرسول- ببصره الظاهر لا ببصيرته، أفأنت تستطيع تبصير الذين سلبت أبصارهم؟! إنك لا تستطيع ذلك، وكذلك لا تستطيع هداية فاقد البصيرة.
44إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَإن الله تنزه عن ظلم عباده، فهو لا يظلمهم مثقال ذرة، ولكنهم هم الذين يظلمون أنفسهم بإيرادها موارد الهلاك؛ بسبب التعصب للباطل والمكابرة والعناد.
45وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَويوم يحشر الله الناس يوم القيامة لحسابهم كان لم يمكثوا في حياتهم الدنيا وفي برزخهم إلا ساعة من نهار لا أَزْيدَ، يعرف بعضهم بعضًا فيها، ثم تنقطع معرفتهم لشدة ما شاهدوا من أهوال القيامة، قد خسر الذين يكذبون بلقاء ربهم يوم القيامة، وما كانوا مؤمنين في الدنيا بيوم البعث حتَّى يسلموا من الخسران.
46وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَوإما نُرِينَّك -أيها الرسول- بعضًا مما وعدناهم به من العذاب قبل موتك، أو نتوفينك قبل ذلك، ففي كلتا الحالتين إلينا رجوعهم يوم القيامة، ثم الله مطلع على ما كانوا يعملون، لا يخفى عليه منه شيء، وسيجازيهم على أعمالهم.
47وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَولكل أمة من الأمم السابقة رسول أرسل إليهم، فإذا بلغهم ما أمر بتبليغه، وكذبوه حكم بينهم وبينه بالعدل، فنجاه الله بفضله، وأهلكهم بعدله، وهم لا يظلمون من جزاء أعمالهم شيئًا.
48وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَويقول هؤلاء الكفار معاندين ومتَحَدِّين: متى زمن ما وعدتمونا به من العذاب إن كنتم صادقين فيما تدعونه؟!
49قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَقل لهم -أيها الرسول-: لا أملك لنفسي ضرًّا أضرها به أو أدفعه عنها ولا نفعًا أنفعها به، فكيف بنفع غيري أو ضره؟ إلا ما شاء الله من ذلك، فكيف لي أن أعلم غيبه؟ لكل أمة من الأمم توعدها الله بهلاكٍ زمنٌ محدد لهلاكها، لا يعلمه إلا الله، فإذا جاء زمن هلاكها لم تتأخر عنه وقتًا ما ولم تتقدم.
50قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ قل -أيها الرسول- لهؤلاء المستعجلين للعذاب: أخبروني إن جاءكم عذاب الله في أي وقت من ليل أو نهار، ما الَّذي تستعجلونه من هذا العذاب؟!
51أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَأبعد أن يقع عليكم العذاب الَّذي وُعِدتموه تؤمنون حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل؛ أتؤمنون الآن، وقد كنتم تستعجلون العذاب من قبل على وجه التكذيب به؟!
52ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَثم بعد إدخالهم في العذاب وطلبهم الخروج منه يقال لهم: ذوقوا العذاب الدائم في الآخرة، فهل تثابون إلا ما كنتم تعملون من الكفر والمعاصي؟!
53وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ويستخبرك -أيها الرسول- المشركون: أهذا العذاب الَّذي وُعِدْنا به حق؟ قل لهم: نعم، إنه -والله- لحق، ولستم بمُفْلِتين منه.
54وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَولو أن لكل مشرك بالله جميع ما في الأرض من أموال نفيسة لجعله مقابل فكاكه من عذاب الله لو أتيح له أن يفتدي به، وأخفى المشركون الندم على كفرهم لمَّا شاهدوا العذاب يوم القيامة، وقضى الله بينهم بالعدل وهم لا يظلمون، وإنما يجزون على أعمالهم.
55أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَألا إن لله وحده ملك ما في السماوات وملك ما في الأرض، ألا إن وعبد الله بعقاب الكافرين واقع لا مرية فيه، ولكن أكثرهم لا يعلمون ذلك فيشكُّون.
56هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَهو سبحانه يبعث الموتى، ويميت الأحياء، وإليه وحده ترجعون يوم القيامة، فيجازيكم على أعمالكم.
57يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَيا أيها الناس، قد جاءكم القرآن فيه تذكير وترغيب وترهيب، وهو شفاء لما في القلوب من مرض الشك والارتياب، وإرشاد لطريق الحق، وفيه رحمة للمؤمنين، فهم المنتفعون به.
58قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَقل -أيها الرسول- للناس: ما جاءكم به محمد – صلى الله عليه وسلم – من القرآن هو فضل من الله عليكم، ورحمة منه بكم، فبفضل الله عليكم ورحمته بكم بإنزال هذا القرآن فافرحوا لا بسواهما، فما جاءهم به محمد – صلى الله عليه وسلم – من ربه خير مما يجمعونه من حطام الدنيا الزائل.
59قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَقل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: أخبروني عما مَنَّ الله به عليكم من إنزال الرزق، فعملتم فيه بأهوائكم، فحرَّمتم بعضه، وأحللتم بعضه، قل لهم: هل الله أباح لكم في تحليل ما أحللتم، وتحريم ما حرَّمتم، أم أنكم تختلقون عليه الكذب؟!
60وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَوأي شيء يظنه مختلقو الكذب عليه واقعًا بهم يوم القيامة؟! أيظنون أن يغفر لهم؟! هيهات، إن الله لذو أفضال على الناس بإمهالهم وعدم معاجلتهم بالعقوبة، ولكن أكثرهم جاحدون نعم الله عليهم فلا يشكرونها.
61وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍوما تكون -أيها الرسول- في أمر من الأمور، وما تقرأ من قرآن، وما تعملون -أيها المؤمنون- من عمل إلا كنا نراكم عالمين بكم ونسمعكم حين تشرعون في العمل مندفعين فيه، وما يغيب عن علم ربك وزن ذرة في السماء أو في الأرض، ولا أصغر من وزنها ولا أكبر، إلا وهو مسجل في كتاب واضح لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
62أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَألا إن أولياء الله لا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أهوال القيامة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
63الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ هؤلاء الأولياء هم الذين كانوا يتصفون بالإيمان بالله وبرسوله – صلى الله عليه وسلم -، وكانوا يتقون الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
64لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُلهم البشارة من ربهم في الدنيا بما يسرهم برؤيا صالحة أو ثناء الناس عليهم، ولهم البشارة من الملائكة عند قبض أرواحهم، وبعد الموت، وفي الحشر، لا تغيير لما وعدهم الله به، ذلك الجزاء هو النجاح العظيم؛ لما فيه من نيل المطلوب، والنجاة من المرهوب.
65وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُولا تحزن -أيها الرسول- لما يقوله هؤلاء من الطعن والقدح في دينك، إن القهر والغلبة كلها لله، فلا يعجزه شيء، هو السميع لأقوالهم، العليم بأفعالهم، وسيجازيهم عليها.
66أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَألا إن لله وحده ملك من في السماوات وملك من في الأرض، وأي شيء يتبعه المشركون الذين يعبدون من دون الله شركاء؟! لا يتبعون في الحقيقة إلا الشك، وما هم إلا يكذبون في نسبتهم الشركاء إلى الله، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا.
67هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَهو وحده الَّذي جعل لكم -أيها الناس- الليل لتسكنوا فيه عن الحركة والتعب، وجعل النهار مضيئًا لتسعوا فيه بما يرجع إليكم بنفع في معاشكم، إن في ذلك لدلائل واضحة لقوم يسمعون سماع اعتبار وقبول.
68قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَقال فريق من المشركين: اتخذ الله الملائكة بناتٍ، تقدس الله عن قولهم، فهو سبحانه الغني عن جميع مخلوقاته، له ملك ما في السماوات وملك ما في الأرض، ليس عندكم -أيها المشركون- برهان على قولكم هذا، أتقولون على الله قولًا عظيمًا -إذ تنسبون إليه الولد- لا تعلمون حقيقته دون برهان؟!
69قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَقل لهم -أيها الرسول-: إن الذين يختلقون على الله الكذب بنسبة الولد إليه لا يظفرون بما يطلبونه، ولا ينجون مما يرهبونه.
70مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَفلا يغتروا بما يتمتعون به من ملذات الدنيا ونعيمها، فهو متاع قليل زائل، ثم إلينا رجوعهم يوم القيامة، ثم نذيقهم العذاب القوى بسبب كفرهم بالله وتكذيبهم لرسوله.
71وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِواقصص -أيها الرسول- على هؤلاء المشركين المكذبين خبر نوح عليه السلام حين قال لقومه: يا قوم، إن كان عَظُم عليكم مقامي بين أظهركم، وشقَّ عليكم تذكيري بآيات الله ووعظي، وعزمتم على قتلي، فعلى الله وحده اعتمدت في إحباط ما تكيدون، فأحكموا أمركم، واعزموا على إهلاكي، وادعوا آلهتكم لتستعينوا بها، ثم لا يكن كيدكم سرًّا مبهمًا، ثم بعد تدبيركم لقتلي أمضوا إلي ما تُضْمِرون، ولا تؤخروني لحظة.
72فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَفإن كنتم قد أعرضتم عن دعوتي فقد علمتم أني ما طلبت منكم جزاء على تبليغكم رسالة ربي، ليس ثوابي إلا على الله، آمنتم بي، أم كفرتم، وأمرني الله أن أكون من المنقادين له بالطاعة والعمل الصالح.
73فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَفكذبه قومه، ولم يصدقوا به، فنجيناه هو ومن كان معه في السفينة من المؤمنين، وصيَّرناهم خَلَفًا لمن كان قبلهم، وأهلكنا الذين كذبوا بما جاء به من الآيات والحجج بالطوفان، فتأمل -أيها الرسول- كيف كانت نهاية أمر القوم الذين أنذرهم نوح عليه السلام، فلم يؤمنوا.
74ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَثم بعد مدة من الزمن بعثنا من بعد نوح رسلًا إلى أقوامهم، فجاء الرسل أممهم بالآيات والبراهين، فما كانت لهم إرادة أن يؤمنوا بسبب إصرارهم السابق على تكذيب الرسل، فختم الله على قلوبهم. مثل هذا الختم الَّذي ختمنا به على قلوب أتباع الرسل الماضين نختم به على قلوب الكافرين المتجاوزين لحدود الله بالكفر في كل زمان ومكان.
75ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَثم بعد مدة من الزمن بعثنا من بعد هؤلاء الرسل موسى وأخاه هارون إلى فرعون ملك مصر والكبراء من قومه، بعثناهما بالآيات الدالة على صدقهما، فتكبروا عن الإيمان بما جاءا به، وكانوا قومًا مجرمين؛ لكفرهم بالله وتكذيبهم لرسله.
76فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌفلما جاء فرعون والكبراء من قومه الدين الَّذي جاء به موسى وهارون عليهم السلام قالوا عن آياته الدالة على صدق ما جاء به موسى: إنه لسحر واضح، وليس حقًّا.
77قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَقال موسى مستنكرًا عليهم: أتقولون للحق حين جاءكم: هو سحر؟! كلا، ما هو بسحر، وإني لأعلم أن السّاحر لا يفلح أبدًا، فكيف لي بتعاطيه؟!
78قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَأجاب قوم فرعون موسى عليه السلام قائلين: أجئتنا بهذا السحر لتصرفنا عما وجدنا عليه آباءنا من الدين، ويكون لك أنت ولأخيك الملك؟ وما نحن لكما -يا موسى وهارون- بمقرين بأنكما رسولان أرسلتما إلينا.
79وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍوقال فرعون لقومه: جيئوني بكل ساحر خبير بالسحر متقن له.
80فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ فلما جاؤوا فرعون بالسحرة قال لهم موسى عليه السلام واثقًا بانتصاره عليهم: اطرحوا -أيها السحرة- ما أنتم طارحوه.
81فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَفلما طرحوا ما عندهم من السحر قال لهم موسى عليه السلام: الَّذي أظهرتموه هو السحر، إن الله سيصيِّر ما صنعتم باطلًا لا أثر له، إنكم بسحركم مفسدون في الأرض، والله لا يصلح عمل من كان مفسدًا.
82وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَويثبّت الله الحق، ويمكّن له بكلماته القدرية، وبما في كلماته الشرعية من الحجج والبراهين، ولو كره ذلك الكافرون المجرمون من آل فرعون.
83فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَصَمَّم القوم على الإعراض، فما صدَّق بموسى عليه السلام -مع ما جاء به من الآيات الظاهرة، والحجج الواضحة- إلا شباب من قومه بني إسرائيل، مع خوف من فرعون وكبراء قومه أن يصرفوهم عن إيمانهم بما يذيقونهم من العذاب إن كشف أمرهم، وإن فرعون لمتكبر متسلط على مصر وأهلها، بيانه لمن المتجاوزين للحد في الكفر والتقتيل والتعذيب لبني إسرائيل.
84وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ وقال موسى عليه السلام لقومه: يا قوم، إن كنتم آمنتم بالله إيمانًا حقًّا، فعلى الله وحده اعتمدوا إن كنتم مسلمين، فالتوكل على الله يدفع عنكم السوء، ويجلب لكم الخير.
85فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَفأجابوا موسى عليه السلام، فقالوا: على الله وحده توكلنا، ربنا لا تسلط علينا الظالمين، فيفتنونا عن ديننا بالتعذيب والقتل والإغراء.
86وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ وخلِّصنا برحمتك -ربنا- من أيدي قوم فرعون الكافرين، فقد استعبدونا وآذونا بالتعذيب والقتل.
87وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ وأوحينا إلى موسى وأخيه هارون عليهم السلام أن اختارا واتَّخِذا لقومكما بيوتًا لعبادة الله وحده، وصيِّروا بيوتكم متجهة إلى جهة القبلة (بيت المقدس)، وائتوا بالصلاة كاملة، وأخبِر -يا موسى- المؤمنين بما يسرهم من نصر الله وتأييدهم، وإهلاك عدوهم، واستخلافهم في الأرض.
88وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَوقال موسى عليه السلام: ربنا، إنك أعطيت فرعون والأشراف من قومه من زخرف الدنيا وبهارجها زينة، وأعطيتهم أموالًا في هذه الحياة الدنيا، فلم يشكروك على ما أعطيتهم، بل استعانوا بها على الإضلال عن سبيلك، ربنا امْحُ أموالَهم وامحقها، واجعل قلوبهم قاسية، فلا يؤمنون إلا حين يشاهدون العذاب الموجع حين لا ينفعهم إيمانهم.
89قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ قال الله: قد أجبْتُ دعاءكما -يا موسى وهارون- على فرعون وأشراف قومه، فاثبتا على دينكما، ولا تنحرفا عنه إلى اتباع سبيل الجهال الذين لا يعلمون طريق الحق.
90وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ويسَّرْنا لبني إسرائيل عبور البحر بعد فَلْقِه حتَّى جاوزوه سالمين، فلحقهم فرعون وجنوده ظلمًا واعتداء، حتَّى إذا انطبق عليه البحر، وناله الغرق، ويئس من النجاة. قال: آمنت أن لا معبود بحق إلا الَّذي آمنت به بنو إسرائيل، وأنا من المنقادين لله بالطاعة.ولما كانت معاينة الموت مانعة من قَبول التوبة، قال الله تعالى:
91آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ أتؤمن الآن بعد اليأس من الحياة؟! وقد عصيت الله -يا فرعون- قبل نزول العذاب بالكفر به، والصد عن سبيله، وكنت من المفسدين بسبب ضلالك في نفسك وإضلالك لغيرك.
92فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَفاليوم نخرجك -يا فرعون- من البحر، ونجعلك على مرتفع من الأرض؛ ليعتبر بك من يأتي بعدك، وإن كثيرًا من الناس عن حُججنا ودلائل قدرتنا لغافلون، لا يتفكرون فيها.
93وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَولقد أنزلنا بني إسرائيل منزلًا محمودًا ومكانًا مرضيًّا في بلاد الشام المباركة، ورزقناهم من الحلال الطيب، فما اختلفوا في أمر دينهم حتَّى جاءهم القرآن مصدقًا لما قرؤوه في التوراة من نعت محمد – صلى الله عليه وسلم -، فلما أنكروا ذلك سُلِبت أوطانهم، إن ربك -أيها الرسول- يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون، فيجازي المحق والمبطل منهم بما يستحقه كل منهما.
94فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فإن كنت -أيها الرسول- في ارتياب وحيرة من حقيقة ما أنزلنا إليك من القرآن فاسأل من آمن من اليهود الذين يقرؤون التوراة، والنصارى الذين يقرؤون الإنجيل، فسيخبرونك بأن الَّذي أُنزِل عليك حق؛ لما يجدون من نَعْتِه في كتابيهما، لقد جاءك الحق الَّذي لا مِرْية فيه من ربك، فلا تكونن من الشاكِّين.
95وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَولا تكونن من الذين كذبوا بحجج الله وبراهينه فتكون بذلك من الخاسرين الذين خسروا أنفسهم بإيرادها موارد الهلاك بسبب كفرهم، وكل هذا التحذير لبيان خطورة الشك والتكذيب، وإلّا فإن النبي معصوم عن أن يصدر منه شيء من هذا.
96إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَإن الذين ثبت عليهم قضاء الله بأنهم يموتون على الكفر لإصرارهم عليه لا يؤمنون أبدًا.
97وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَولو أتتهم كل آية شرعية أو كونية حتَّى يشاهدوا العذاب الموجع، فيؤمنوا حين لا ينفعهم الإيمان.
98فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍلم يحدث أن آمنت قرية من القرى التي أرسلنا إليها رسلنا إيمانا مُعْتَدًّا به قبل معاينة العذاب، فينفعها إيمانها لمجيئه قبل معاينته، إلا قوم يونس حين آمنوا إيمانًا صادقًا رفعنا عنهم عذاب الذل والهوان في الحياة الدنيا، ومتعناهم إلى وقت انقضاء آجالهم.
99وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَولو شاء ربك -أيها الرسول- إيمان جميع من في الأرض لآمنوا، لكنه لم يشأ ذلك لحكمة، فهو يضل من يشاء بعدله، ويهدي من يشاء بفضله، فليس باستطاعتك إكراه الناس على أن يكونوا مؤمنين، فتوفيقهم للإيمان بيد الله وحده.
100وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَوما ينبغي لنفس أن تؤمن من تلقاء نفسها إلا أن يأذن الله، فلا يقع إيمان إلا بمشيئته، فلا تذهب نفسك حسرات عليهم، ويجعل الله العذاب والخزي على الذين لا يدركون عنه حججه , وأوامره ونواهيه.
101قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَقل -أيها الرسول- للمشركين الذين يسألونك الآيات: تأملوا ماذا في السماوات والأرض من الآيات الدالة على وحدانية الله وقدرته، وما ينفع إنزال الآيات والحجج والرسل في قوم ليس لهم استعداد أن يؤمنوا؛ لإصرارهم على الكفر.
102فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَفهل ينتظر هؤلاء المكذبون إلا مثل الوقائع التي أوقعها الله على الأمم المكذبة السابقة؟! قل -أيها الرسول- لهم: انتظروا عذاب الله، إني معكم من المنتظرين لوعد ربي.
103ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَثم نُنْزل بهم العقاب، ونُنَجِّي رسلنا، ونُنَجِّي الذين آمنوا معهم، فلا يصيبهم ما أصاب قومهم، كما أنجينا أولئك الرسل والمؤمنين معهم ننخي رسول الله والمؤمنين معه إنجاءً حقًّا ثابتًا علينا.
104قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَقل -أيها الرسول-: يا أيها الناس، إن كنتم في شك من ديني الَّذي أدعوكم إليه وهو دين التوحيد، فأنا على يقين من فساد دينكم فلا أتبعه، فلا أعبد الذين تعبدونهم من دون الله، ولكني أعبد الله الَّذي يميتكم، وأمرني أن أكون من المؤمنين المخلصين له الدين.
105وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وأمرني كذلك أن أستقيم على الدين الحق، وأثبت عليه مائلًا عن كل الأديان إليه، ونهاني أن أكون من المشركين به.
106وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَولا تَدْعُ -أيها الرسول- من دون الله من الأوثان والأصنام وغيرها ما لا يملك نفعًا فينفعك، ولا ضرًّا فيضرك، فإن عَبَدتَّها فإنك إذن من الظالمين المعتدين على حق الله وحق أنفسهم.
107وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُوإن يصبك الله -أيها الرسول- ببلاء، وطلبت صرفه عنك فلا صارف له إلا هو سبحانه، وإن يردك برخاء فلا أحد يمنع فضله، يصيب بفضله من يشاء من عباده، فلا مكره له، وهو الغفور لمن تاب من عباده، الرحيم بهم.
108قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍقل -أيها الرسول-: يا أيها الناس، قد جاءكم القرآن منزلًا من ربكم، فمن اهتدى وآمن به فنفع ذلك عائد إليه؛ لأن الله غني عن طاعة عباده، ومن ضل فإن أثر ضلاله عليه وحده، فالله لا تضره معصية عباده ولست عليكم بحفيظ أحفظ أعمالكم، وأحاسبكم عليها.
109وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَواتبع -أيها الرسول- ما يوحيه إليك ربك واعمل به، واصبر على إيذاء من خالفك من قومك، وعلى تبليغ ما أمرت بتبليغه، واستمر على ذلك حتَّى يحكم الله فيهم بحكمه بنصرك عليهم في الدنيا، وبعذابهم في الآخرة إن ماتوا على كفرهم.

سورة يونس فيديو وصوت

فهرس القرآن الكريم

ندرج فيما يلي فهرس ترتيب سور القرآن الكريم كاملاً:

اقرأ أيضاً:  جدول حفظ القرآن الكريم كاملاً
رقم السورةإسم السورةعدد الآياتمكية / مدنية
1الفاتحة7مكية
2البقرة286مدنية
3آل عمران200مدنية
4النساء176مدنية
5المائدة120مدنية
6الأنعام165مكية
7الأعراف206مكية
8الأنفال75مدنية
9التوبة129مدنية
10يونس109مكية
11هود123مكية
12يوسف111مكية
13الرعد43مدنية
14إبراهيم52مكية
15الحِجْر99مكية
16النحل 128مكية
17الإسراء111مكية
18الكهف110مكية
19مريم98مكية
20طه135مكية
21الأنبياء112مكية
22الحج78مدنية
23المؤمنون118مكية
24النور64مدنية
25الفرقان77مكية
26الشعراء227مكية
27النمل93مكية
28القَصص88مكية
29العنكبوت69مكية
30الروم60مكية
31لُقمان34مكية
32السجدة30مكية
33الأحزاب 73مدنية
34سبأ54مكية
35فاطر45مكية
36يس 83مكية
37الصافات182مكية
38ص88مكية
39الزُّمَر75مكية
40غافر85مكية
41فُصِّلَت54مكية
42الشورى53مكية
43الزخرف89مكية
44الدخان59مكية
45الجاثية37مكية
46الأحقاف35مكية
47محمد38مدنية
48الفتح29مدنية
49الحُجُرات18مدنية
50ق45مكية
51الذاريات60مكية
52الطور49مكية
53النجم62مكية
54القمر55مكية
55الرحمن78مدنية
56الواقعة96مكية
57الحديد29مدنية
58المجادلة22مدنية
59الحشر24مدنية
60المُمتحَنَة13مدنية
61الصف14مدنية
62الجمعة11مدنية
63المنافقون11مدنية
64التغابن18مدنية
65الطلاق12مدنية
66التحريم12مدنية
67المُلك30مكية
68القلم52مكية
69الحاقّة52مكية
70المعارج44مكية
71نوح28مكية
72الجن28مكية
73المُزَّمل20مكية
74المُدَّثر56مكية
75القيامة40مكية
76الإنسان31مدنية
77المرسلات50مكية
78النّبأ40مكية
79النّازعات46مكية
80عَبَسَ42مكية
81التّكوير29مكية
82الانفطار19مكية
83المُطَفِّفين36مكية
84الانشقاق25مكية
85البروج22مكية
86الطارق17مكية
87الأعلى19مكية
88الغاشية26مكية
89الفجر30مكية
90البلد20مكية
91الشمس15مكية
92الليل21مكية
93الضحى11مكية
94الشرح8مكية
95التين8مكية
96العَلَق19مكية
97القدر5مكية
98البَيِّنّة8مدنية
99الزلزلة8مدنية
100العاديات11مكية
101القارعة11مكية
102التكاثر8مكية
103العصر3مكية
104الهُمَزة9مكية
105الفيل5مكية
106قريش4مكية
107الماعون7مكية
108الكوثر3مكية
109الكافرون6مكية
110النصر3مدنية
111المَسَد5مكية
112الإخلاص4مكية
113الفَلَق5مكية
114الناس6مكية

مقالات مشابهة

سورة الحاقة وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة الحاقة وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

الليالي الوترية في رمضان

الليالي الوترية في رمضان

هل يجوز صيام الست قبل القضاء؟

هل يجوز صيام الست قبل القضاء؟

سورة الشعراء وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة الشعراء وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة النور وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة النور وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

علامات الساعة الكبرى والصغرى

علامات الساعة الكبرى والصغرى

سورة المرسلات وسبب نزولها وفضلها مع التفسير

سورة المرسلات وسبب نزولها وفضلها مع التفسير